فاطمة سلامة
"ترقبوا بعد قليل كتابًا مفتوحًا من حـ.ـزب الله إلى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني". خبر عاجل كان كفيلًا بانشغال أهل السياسة والإعلام وعامة الشعب في تحليل عناوين المضمون المتوقَّع للكتاب قبل إعلانه. لنحو 25 دقيقة، سرت التحليلات كالنار في الهشيم. وما إن دقّت الساعة العاشرة وأربع عشرة دقيقة صباحًا، حتى أرسلت العلاقات الإعلامية في حـ.ـزب الله الكتاب. 789 كلمة تضمّنها الإعلان الذي حمل طابعًا رسميًّا، حيث افتتحه حـ.ـزب الله بالتوجّه إلى الرئاسات الثلاث والشعب الأبي، واضعًا حرصه على التفاهم الوطني وحماية السيادة وحفظ الأمن والاستقرار ووحدة الموقف اللبناني في مستهل الكتاب الذي وُصف بـ"المفتوح"، وهي عبارة تُعيدنا إلى عام 1985 حين أعلن حـ.ـزب الله رسالته "المفتوحة" في 16 شباط في الذكرى السنوية الأولى لاسـ..ـتشهـ.ـاد الشيخ راغب حـ.ــرب، والتي شكّلت آنذاك أول وثيقة يحدّد فيها الحـ.ـزب مواقفه من قضايا كثيرة.
الأكاديمي والباحث السياسي؛ الدكتور طارق عبود يُقدّم في حديث لموقع "الـ.ـعـ.ـهد" الإخباري قراءته حول الكتاب الذي وجّهه حـ.ـزب الله، فيشير بداية إلى أنه ليس هناك جديد دراماتيكي في هذا الكتاب المفتوح، بل كرّر الثوابت التي كان يقولها قادة المـ..ـقاومة في الفترة الماضية، وأتى رسميًا في الشكل حيث توجّه إلى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني، ما يُعبّر بوضوح عن أنّ المـ..ـقاومة تتعاطى مع الدولة اللبنانية، وتريد أن تضع الشعب اللبناني في مناخ الأجواء، فضلًا عن أن اللبنانيين، وخاصة بيئة المـ..ـقاومة، لهم الحق في الاطّلاع على ما يجري من أجواء سياسية وغيرها.
حـ.ـزب الله التزم بالاتفاق و"إسـ..ـرائيل" تخرقة يوميًا
كما يرى عبود، أنّ الكتاب حمل رسائل مبنية على ثوابت واضحة. بدايةً، ذكر البيان اتفاق وقف إطلاق النار وسلّط الضوء على البند الثاني تحديدًا، والذي نصّ على ما يلي: "اعتبارًا من الساعة الرابعة فجر الأربعاء 27/11/2024 فصاعدًا، ستمنع حكومة لبنان حـ.ـزب الله وجميع الجماعات المسـ.ـلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية من تنفيذ أي عـــ..ــمـلـيـات ضد "إسـ..ـرائيل"، و"إسـ..ـرائيل" لن تقوم بأي عـــ..ــمـلـيـات عسـ.ـكر ية هـ..ـجومية ضد الأراضي اللبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية أو العسـ.ـكر ية أو غيرها من الأهداف التابعة للدولة، عن طريق البر أو الجو أو البحر." وفق المتحدّث، شدّد البيان على هذه النقطة ليُذكّر أنّ حـ.ـزب الله التزم بعدم خرق وقف إطلاق النار كما نصّ البيان، ولم يطلق رصــ.ـاصة واحدة تجاه كيان الـ..ـعـ.ـدو، وهو ملتزم بالاتفاق وبما تقوم به الدولة اللبنانية، فهو ليس بمعزل عن قرارات الدولة اللبنانية، لكن "إسـ..ـرائيل" تخرق الاتفاق يوميًا وتنفّذ الاعتـ.ـداءات بشكل دائم.
ردٌ على المبادرة المصرية.. ولا تفاوض تحت النار
وفق عبود، ثمّة رسالة ثانية مهمّة أراد البيان إيصالها، تكمن في أنه لا ذهاب إلى التفاوض ولبنان مجرّد من كل أوراق القوة. من وجهة نظر حـ.ـزب الله، طالما أن الاعتـ.ـداءات والتهـ..ـديدات "الإسـ..ـرائيلية" موجودة بشكل يومي، فلن يكون هناك تفاوض. وفي هذا الإطار، يشير عبود إلى أنّ جزءًا من الكتاب المفتوح هو الرد الذي كان منتظرًا من المـ..ـقاومة خلال الأسبوع المقبل على المبادرة المصرية. طبعًا، هو ليس ردًا سلبيًا، وفق عبود، لكن ثمّة تأكيد على أنه لا تفاوض تحت النار، وهو جوهر الخلاف الحاصل حول المبادرة المصرية. وقد كان البيان واضحًا في هذا الأمر حين نصّ على ما يلي: "أما التورط والانزلاق إلى أفخاخ تفاوضية مطروحة، ففي ذلك المزيد من المكتسبات لمصلحة الـ..ـعـ.ـدو "الإسـ..ـرائيلي" الذي يأخذ دائمًا ولا يلتزم بما عليه، بل لا يعطي شيئًا. ومع هذا الـ..ـعـ.ـدو المتوحش والمدعوم من الطاغوت الأميركي، لا تستقيم معه مناورة أو تحاذُق. إن لبنان معنيّ راهنًا بوقف الـ..ـعـ.ـدوان بموجب نص إعلان وقف النار والضغط على الـ..ـعـ.ـدو الصهيـ.ـوني للالتزام بتنفيذه، وليس معنيًا على الإطلاق بالخضوع للابتزاز الـ..ـعـ.ـدواني والاستدراج نحو تفاوض سياسي مع الـ..ـعـ.ـدو الصهيـ.ـوني على الإطلاق، فذلك ما لا مصلحة وطنية فيه.
المـ..ـقاومة خلف الدولة والجيش
أما بالنسبة لموضوع حصرية قرار السلم والحر ب، فيقول البيان:"نؤكّد حقنا المشروع في مـ..ـقاومة الاحتـ ـلال والـ..ـعـ.ـدوان والوقوف إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة بلدنا، ولا يندرج الدفاع المشروع تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحر ب، بل نمارس حقنا في الدفاع ضد عدو يفرض الحر ب على بلدنا ولا يوقف اعتـ.ـداءاته بل يريد إخضاع دولتنا..."، وفي هذا السياق، يؤكّد عبود أنّ الكتاب وضع المـ..ـقاومة خلف الدولة والجيش اللبناني، لا كما فهمه بعضهم بأنه إعلان لاستعادة العمل المـ..ـقاوم وإعادة استئناف العـــ..ــمـلـيـات العسـ.ـكر ية، وهذا ما لم يكن في البيان إطلاقًا.
وفي ختام مقاربته، يرى عبود أنّ الكتاب حُمِّل أكثر مما يحتمل من قبل بعض مناوئي المـ..ـقاومة، وسط أجواء "مشحونة" أصلًا. وفق قناعاته، هو عبارة عن كتاب مفتوح مهمّ أرادت المـ..ـقاومة من خلاله تأكيد ثوابتها التي لطالما كرّرتها، والتي يمكن اختصارها بالآتي: "المـ..ـقاومة ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار ولم تخرقه أبدًا، فيما الـ..ـعـ.ـدو يواصل اعتـ.ـداءاته اليومية. لا تفاوض تحت النار بأي شكل من الأشكال، والمـ..ـقاومة تقف خلف الدولة والجيش اللبناني وتؤكد حقها المشروع في مـ..ـقاومة الاحتـ ـلال". الكتاب المفتوح، باختصار، هو تأكيد المؤكّد وتذكير بالثوابت التي لطالما كرّرها قادة حـ.ـزب الله، يختم عبود كلامه.
مصادر سياسية تتقاطع في حديثها لموقع "الـ.ـعـ.ـهد" مع ما يقوله عبود، وتشدّد على أنّ الكتاب المفتوح يأتي في ظلّ دفع بعض الأفرقاء لبنان للتفاوض تحت النار، وصولًا إلى نزع سلا ح حـ.ـزب الله من الأراضي اللبنانية كافة، وتجريد لبنان من عناصر قوّته. وتشير المصادر إلى أنّ الموقف الرسمي الذي عبَّر عنه رئيس الجمهورية؛ العماد جوزاف عون جيد، لجهة رفض التفاوض قبل وقف إطلاق النار، لافتةً إلى أنّ حـ.ـزب الله يُصرّ على وقف إطلاق النار وانسحاب الـ..ـعـ.ـدو من الأراضي اللبنانية، رافضًا أي نوع من الابتزاز أو الاستدراج نحو تفاوض سياسي مع الـ..ـعـ.ـدو لن يُجدي نفعًا.